قوات الأمن البيئي- حراس رؤية المملكة الخضراء واستدامتها

المؤلف: أحمد الجميعة11.11.2025
قوات الأمن البيئي- حراس رؤية المملكة الخضراء واستدامتها

تشكل رؤية السعودية 2030 نقطة تحول جوهرية نحو تحقيق التنمية المستدامة، وتجسد ذلك في التكامل الحكومي المثمر والتنسيق الفعال بين القطاعات المختلفة، مما أسفر عن إنجازات متميزة وغير مسبوقة، وعزز مكانة المملكة في مصاف الدول المتنافسة عالمياً. وفي مقدمة هذه الجهود، تبرز حماية البيئة والموارد الطبيعية باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، ويتجلى ذلك في اعتماد الإستراتيجية الوطنية للبيئة، وإعادة هيكلة القطاع البيئي، وإصدار نظام بيئي جديد ومتكامل، وتتويج ذلك بإطلاق مبادرة "السعودية الخضراء" الطموحة، التي تهدف إلى غرس 10 مليارات شجرة في ربوع المملكة خلال العقود القادمة، أي ما يعادل استصلاح 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى 30%.

في خضم هذه المساعي النبيلة والأهداف الوطنية السامية لحماية البيئة، تضطلع القوات الخاصة للأمن البيئي التابعة لوزارة الداخلية، والتي تأسست في عام 2019 وباشرت مهامها في عام 2020، بدور محوري في التكامل مع مختلف قطاعات الدولة، وذلك من خلال المراقبة الأمنية الدقيقة والشاملة لكافة المناطق البيئية في المملكة، بما في ذلك المحميات الملكية والطبيعية والغابات والمراعي والمتنزهات وغيرها من المواقع الهامة، بالإضافة إلى مهام التحري الأمني والاستيقاف والقبض والضبط وتحرير المخالفات وإحالتها إلى الجهات المختصة، وتقديم المساندة والدعم الأمني اللازم، فضلاً عن تلقي الشكاوى ومتابعتها والمشاركة الفعالة في حالات الطوارئ البيئية، وتعزيز التوعية البيئية بين أفراد المجتمع.

إن رجال الأمن البيئي، الذين يباشرون مهامهم بكفاءة واقتدار ورؤية استراتيجية واضحة، يعكسون جانباً هاماً من دورهم الوطني في صون البيئة والتصدي الحازم للمخالفين، وذلك من خلال الدوريات الأمنية التي تجوب مسافات شاسعة لحماية البيئة، واستخدام التقنيات الحديثة والمتطورة مثل الكاميرات والطائرات بدون طيار في المهام الرقابية، وقد أثمرت هذه الجهود المضنية، على الرغم من حداثة تأسيس هذه القوات، عن تحقيق إنجازات نوعية ملموسة في مجالات التحري والقبض والرقابة، والحفاظ على الثروات البيئية للوطن ومنع التعدي عليها.

في هذا الفضاء الفسيح الممتد على طول البلاد واتساعها، وعلى امتداد المسطحات المائية المحيطة بها، يقف الأمن البيئي سوراً منيعاً وحارساً أميناً على رؤية المملكة البيئية، وضمان استدامتها للأجيال القادمة، فالمستهدفات والاستراتيجيات وحدها لا تكفي دون وجود وسيلة رقابية فعالة على أرض الواقع، ولا يمكن تحقيق منجزات بيئية مرموقة دون جهاز أمني متخصص يمارس مهامه وصلاحياته في الحفاظ على ما تحقق والبناء عليه للمستقبل، وانطلاقاً من هذا التصور، تنظر قوات الأمن البيئي إلى الفرص المتاحة بعين ثاقبة، وتعمل بدأب على مدار الساعة لمراقبة المناطق البيئية في المملكة، وتطوير غرفة عمليات متقدمة ووسائل تبليغ سريعة، والأهم من ذلك هو وجود كفاءات وطنية مؤهلة نتوجه إليها بالشكر والتقدير على جهودها الحثيثة وعملها الاستباقي للكشف عن التجاوزات وسد الثغرات وتطبيق العقوبات الرادعة.

إن المسؤولية الوطنية اليوم لا تقتصر على قوات الأمن البيئي وحدها في مواجهة المخالفين، بل تمتد لتشمل دوراً ومسؤولية أكبر للمواطن، ليكون خط الدفاع الأول في الحفاظ على ثرواته البيئية النفيسة في الصحراء والبحار، وأن يستشعر دوره الحيوي في الانتقال من مرحلة التوعية والمعرفة بعدم مخالفة النظام البيئي، إلى مرحلة الوعي والمشاركة الفعالة في الإبلاغ عن أي تجاوزات، وهي المهمة التي تختصر المسافة للوصول إلى مستهدفاتنا البيئية الطموحة قبل عام 2030.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة